خلط الجينات أسرع من خلط الحكايات الشعبية

وجد باحثون أن الاختلافات اللغوية بين الثقافات تشكل حواجز هامة ضد انتشار الحكايات الشعبية ، وإن هذه الحواجز اقوى من تلك المتعلقة بمشاركة الجينات بين الثقافات.
هل سمعت يوماً بحكاية الاخت الجيدة والاخت السيئة؟ عندما كانت الاختان تغادران المنزل، تكون الاخت الجيدة لطيفة مع الاشخاص والحيوانات الذين تقابلهم، وتبعًا لذلك تكافئ بالذهب. بينما الاخت السيئة متعجرفة وجشعة لذلك تتم مكافئتها بصندوق يحتوي على ثعابين.
لهذه القصة الشعبية مئات النسخ المختلفة، حيث تم تناقلها في عموم أوربا خلال قرون عديدة. لكن درجة تشابه نسختك مع نسختي، لا تعتمد فقط على المسافة التي تفصل بين موطنينا، لكن أيضا على مقدار الاختلاف الاثني واللغوي بين ثقافتينا، حسب ما أظهرته دراسة حديثة. إن كانت الحكايات الشعبية تنتشر كما تنتشر قطرة حبر على ورقة، فإننا سنتوقع ان نرى تدرجًا سلسًا بين هذه النسخ كتأثير فعل المسافة. بدلًا من هذا، وجد الباحثون إن الاختلافات اللغوية بين الثقافات تخلق حواجز مهمة ضد إنتشار الحكايات الشعبية. حواجز الإختلافات اللغوية أكثر قوة من حواجز تبادل الجينات بين الشعوب – رسالة ممكن ان تفسر بطريقة مبسطة كما لو ان هذا الشخص يقول لك : “سأنام معك، لكنني افضل قصصي على قصصك” [وقد يعطينا هذا صلة مع القصص التي ترسم ملامح النزاع الطائفي القائم على روايات متنوعة تتناقلها شعوب ومناطق مختلفة وتُقرر وفقها الأخيار والأشرار – المدقق].
حدود ثقافية
في هذه الدراسة، قام فريق من باحثين استراليين ونيوزلنديين باستخدام الادوات الاحصائية المستخدمة في علم وراثة السكان لدراسة الاختلافات في قصة ‘الفتاة اللطيفة وغير اللطيفة’ في 31 مجتمع أوربي، كالجماعات الأرمنية والاسكتلندية والباسكية والأيسلندية. حيث تظهر نتائج بحثهم في دورية وقائع الجمعية الملكية فئة باء.
يقول الباحث الرئيسي في هذه الدراسة كوينتن اتكنسون، والذي يبحث تطور الانسان في جامعة أوكلاند في نيوزلندا: “التدرجات الجغرافية التي وجدناها مشابهة من حيث المقياس لما نراه في الجينات، مما يدل على ان هناك عمليات مسؤولة عن خلط الجينات تحدث بالتوازي، وهي مسؤولة عن خلط الجينات والمعلومات الثقافية معًا.”
ويضيفُ أتكنسون: “لكن آلية هذا الخلط ليست متماثلة. فتأثير الحدود الاثنية واللغوية أقوى ضد الحكايات الشعبية مما ضد الجينات”. وهذه النتيجة توافق دراسات اخرى تبحث في وجوه أخرى للثقافة كالأغنية. ويقول اتكنسون “نتائج بحثنا تؤيد التوقعات التي تقول إن الاختلافات الثقافية يجب ان تظهر بشكل أوضح بين الشعوب من الاختلافات الجينية.”
“تؤيد هذه النتائج وجهة النظر القائلة بأن ثقافاتنا تتصرف كما لو كانت أنواع بيولوجية مختلفة” كما يقول مارك بيجل، وهو عالم بيولوجيا تطورية في جامعة ريدنك، بريطانيا، مختص في الانتقال الثقافي. ويضيف “تحيط مجموعاتنا الثقافية انفسها بحدود ضيقة، وهي قادرة على استيعاب المهاجرين الجينين بدون أن تمتص ثقافاتهم.” اعتقد أتكنسون وزملائه ان انتشار القصص التراثية ممكن ان يجعلها ممثلًا لعملية التبادل الثقافي بين الشعوب. يقول أتكنسون “هذه القصة معروفة على نطاق واسع، واننا استطعنا تحديد عدد كبير من النسخ عنها في اكل ارجاء أوربا، مثلًا بعض القصص تشمل ابنا عم أو أخوين بدلًا من أختين، وفي اخرى هي عن فتاة وخادمتها.” حيث وجد وزملائه 700 نسخة بديلة منها.
يقول هانز جورغ اوثر، المتخصص في الفلكلور في جامعة كوتنكن- ألمانيا: “تُنقل الحكايات الشعبية في جميع أرجاء العالم، الفكرة الرئيسية تبقى نفسها، لكن الشخصيات والمميزات الاخرى تتغير لتوافق السمات الثقافية للإقليم الجغرافي.”
يجد أوثر هذه الدراسة مثيرة للاهتمام، لكنه يقول بأنه “متشكك قليلا من موضوع مقارنة النسخ المتغايرة مع إهمال الجانب التاريخي وطريقة الأداء.” هو يعتقد إنه عندما تصبح الارشفة الالكترونية للحكايات الشعبية متوافرة بشكل أكبر، ستوفر أدوات قيّمة لجعل الدراسات المقارنة والتطورية للثقافة أكثر قابلية للقياس.
تم إعادة نشر هذه المقالة برخصة من مجلة نيتشر. نُشرت هذه المقالة لأول مرة في 6 من شباط/فبراير 2013.

                                                                                                                                   المصدر : موقع العلوم الحقيقية  

التسميات:

إرسال تعليق Blogger Disqus

[blogger]

Author Name

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.